0%
Still working...

محمد معتصم مخالب المتعة

الشخصية الروائية في “مخالب المتعة” لفاتحة مرشيد

محمد معتصم:

في رواية الشاعرة والروائية الطبيبة المغربية فاتحة مرشيد الجديدة “مخالب المتعة” أنماط من الشخصيات، تتبلور أثناء بناء الأحداث ونسج خيوط الحبكة. مما يعطي الانطباع بأن الشخصية الروائية ليست مستقلة بذاتها، ولا هي مقصودة لذاتها، بل تقوم بدور وظيفي مثلها مثل جل الشخصيات التي تعرضنا لها حتى الآن.

ويمكن تقسيم أنماط الشخصية الروائية في “مخالب المتعة” إلى ما يلي:

   ◦     شخصية محورية مبأرة، ويمثلها (أمين العبادي).

   ◦     شخصيات بانية تسهم في بناء كيان الشخصية الافتراضي، وعالمه الإبداعي (عزيز، مصطفى، رشيد، بسمة).

   ◦     شخصيات ثانوية تضيء جوانب من الشخصية المحورية (الأم، ليلى، ميمي، إدريس…).

   ◦     شخصيات عابرة، تستدعيها الأحداث من الذاكرة المتخيلة (أحلام).

كل هذه الشخصيات التي سنرسمها بعد قليل، تُبنى من خلال الحدث، والحبكة (القصة). ولكل شخصية قصة مصغرة غير منفصلة عن قصة (أمين العبادي) الشخصية التي يتم التركيز عليها. من ثمة يمكن رسم أدوار الشخصيات الروائية كما وظفت في بناء حبكة القصة في “مخالب المتعة”، كما يلي:

   ◦     عزيز وسيلة لوصول أمين العبادي إلى بسمة.

   ◦     بسمة وسيلة لوصول أمين العبادي إلى العمل.

   ◦     مصطفى وسيلة أمين العبادي إلى العودة إلى البحث الجامعي.

   ◦     رشيد وسيلة أمين العبادي للتعرف على أسياد العالم الجديد.

   ◦     إدريس وسيلة أمين العبادي للتعرف على الوفاء والحكمة في الحياة.

   ◦     ميمي وسيلة أمين العبادي للتعرف على قيمة العطاء والتضحية.

هذه الشبكة من العلائق بين شخصيات الرواية هي ما يحدد الخط الذي اختاره السرد في رواية “مخالب المتعة”. ومهما بدا المسار متنوعا ومتفرعا بحسب اختلاف أوضاع الشخصيات الروائية ووظائفها السردية التي فرضها البرنامج السردي المقترح فإنه مسار خطي، يتدرج في تعاقب متنامي ومتماسك. وكل الشخصيات الروائية وقصصها الصغرى تصب في صلب بناء وتكوين الشخصية المحورية المبأرة، كما تبين الخطوات أعلاه، (أمين العبادي).

من الملاحظ أن دراسة الشخصية الروائية في “مخالب المتعة” تبين أهمية هذا المكون السردي ذي الإحالة المرجعية والتأثير النفسي والعاطفي على المتلقين وعلى مسار السرد. وإذا كانت الشخصية الروائية قد أثرت بقوة على المسار السردي للرواية وجعلتها خطية بالرغم من حضور برامج ومسارات سردية صغرى كانت من الممكن استثمارها بصور شتى لتفريع الصيغ الخطابية، وتركيب المتن الحكائي تركيبا معقدا كما هو الحال في الروايات التجريبية الحديثة. لكن يبدو أن الكاتبة قد اختارت التركيز على شخصية محورية واحدة، وتوسيع آفاقها وإبراز أبعادها النفسية والاجتماعية حيث تنمو، عبر خلق مستويات متنوعة من الشخصيات الروائية التي بينا أنها تقترب من الشخصية المحورية إما للإضاءة (إدريس، وميمي، وليلى) أو البناء والتكوين ( عزيز، ومصطفى، وبسمة) أو حث الذكريات على العودة (التذكر كحالة باطنية) مثل (أحلام)…وهكذا دواليك.

ويلاحظ أيضا أن الشخصية الروائية في “مخالب المتعة” تصبح غير ذات قيمة إذا جردت من الأحداث. لذلك ينبغي التأكيد على دائرية القصص الصغرى، وانغلاق الأحداث، لأن الكاتبة تبني عالما متخيلا متكاملا. والنهايات أو بالأحرى الحلول التي اقترحتها الكاتبة يمكنها بدورها التدليل على الترابط الشديد بين الشخصية الروائية وطبيعة الحدث (الختامي). وسأسوق الحلول والنهايات كما يلي:

   ◦     أمين العبادي ……….. العمل والاستقرار:” خذ الظرف الذي يصاحب الرسالة إلى السيد علي الشرقاوي، مدير المعهد العالي للتكوين، لتتسلم تعيينك في المعهد. يمكنك الآن الاشتغال على أطروحتك في ظروف جيدة/ ويمكنني الرحيل وأنا مطمئنة على مستقبلك”. (154). (نهاية ميلودرامية).

   ◦     مصطفى ………….. إنجاز البحث الجامعي والاستعداد للزواج. (نهاية سعيدة).

   ◦     رشيد …….الزواج من ابنة “رجل الأعمال المعروف السيد فؤاد القباج، ودخل مجتمع الثراء من بابه الواسع”. (112). (نهاية سعيدة ومثمرة).

   ◦     عزيز ……… السجن بعد قتله عشيقته ليلى. (نهاية مأساوية).

   ◦     بسمة ………….. الهجرة على كندا. (نهاية حزينة).

   ◦     ليلى ……….. القتل. (نهاية مأساوية).

تشكل هذه النهايات والحلول المقترحة الشبكة السردية التي تنفتح تدريجيا لتوسيع المحكي وبناء الشخصية المحورية وتكوينها، ثم تضيق أو تنغلق حتى لا تظل هناك مسارات سرية ممكنة وبرامج غير منجزة. وهذا الذي يدعونا إلى اعتبار رواية فاتحة مرشيد “مخالب المتعة” رواية قصيرة، محكمة، تنمو فيها الشخصية الروائية إلى جوار نمو الأحداث، خطية السرد، لم تهمل بعض القضايا الاجتماعية الملحة كالتربية والتعليم، وبعض الظواهر السلوكية الطارئة على الفئات البسيطة المعطلة على العمل، والفئات المترفة التي ينقصها الدفء الاجتماعي والعلاقات الإنسانية. إنها رواية تقوم على مكونات الرواية القصيرة، في الاقتصاد السردي، واختزال المتواليات الحكائية، واجتناب البناءات السردية والصيغ الخطابية المركبة. وهي رواية لا تبحث في الأبعاد النفسية الملتبسة للشخصيات الروائية فسلوك شخصية عزيز أو ليلى، أو بسمة ليس إلا رد فعل على الأوضاع الاجتماعية، أو هم ضحايا اعتداءات مختلفة. كما نيبن حالا:

   ◦     عزيز …………. طلاق والديه صغيرا، فشل زواجه من الفتاة الألمانية، العطالة.

   ◦     ليلى ………… اغتصابها من قبل زوج أمها، زواجها من رجل شيخ مقعد.

   ◦     بسمة ………. غرق والدها في البحر.

   ◦     ميمي ……… اشتغالها خادمة، وزواجها من محتال سرق جهدها وهرب مع أخرى.

   ◦     إدريس ……. عودة بلقيس المحبوبة إلى العراق.

   ◦     أمين ………. زواج أحلام من غيره، والعطالة… وهكذا.

إنهم شخصيات روائية مأزومة اجتماعيا ونفسيا لكن الكاتبة لم تتوغل في هذه الأدغال الشائكة وهو ما لا تقبل به الرواية القصيرة صيغة وبناء.

motassim.canalblog.com

www.doroob.com

Leave A Comment

Recommended Posts