“ما لم يقل بيننا” لفاتحة مرشيد
عبد الرحمان مجيد الربيعي
صدر للشاعرة والروائية المغربية فاتحة مرشيد ديوان جديد بعنوان “ما لم يُقل بيننا”، وفاتحة مرشيد هي في الأصل طبيبة أخذها الأدب إلى عالمه وتوزّعها شعرا ثم رواية، وهي وإن نجحت في تكريس اسمها ضمن المدونة الشعرية المغربية الثرية إلا أنها استطاعت أن تلج عالم الرواية بجدارة منذ روايتها الأولى “لحظات لا غير” الصادرة عام 2007، ثم عززت هذا الرصيد برواية جميلة أخرى هي “مخالب المتعة” التي صدرت عام 2009.
ويحار القارئ ومتابع تجربتها الأدبية لمن ينحاز؟ للشاعرة؟ أو للروائية؟ فهي روائية شاعرة وهي في الآن نفسه شاعرة روائية، ويبدو لنا أن الروائيين الذين يأتون من الشعر يستطيعون إنجاز رواية ذات حساسية خاصة وأذكر هنا تجربتي الشاعرين محمد الأشعري وحسن نجمي على سبيل المثال، ولكن رصيد فاتحة مرشيد الشعري يظل أغزر ما دامت قد بدأت بالشعر عام 2002 بصدور ديوانها الأول “إيماءات” ثم “ورق عاشق” (2003) “تعال نمطر” (2006) أي سواد تخفي يا قوس قزح” (2006) و”آخر الطريق أوله” (2009).
ونص فاتحة مرشيد الشعري أو الروائي نص ساخن، هكذا يمكن وصفه، كما أنه نص امرأة وحدها القادرة على الإفصاح عما في داخلها بهذا الشكل الحسي النابض.
ورغم أنها لا تبتعد عن دقات قلبها وترمومتر أنوثتها إلا أنها تقدم دائما القصيدة المدهشة بهذا الاختزال اللغوي الذي يوصل معناه بتكثيف بليغ من النادر أن نجده في شعر هذه الأيام.
ارتأت الشاعرة أن يكون ديوانها هذا نصا شعريا واحدا موزعا على مقاطع تبدأ هكذا:
(جريحان
نحترس من ليل
انتظرناه طويلا
وكان أقصر من لذة
تنقر دقائقه
على تعبنا
كوهم بهدوء
…)
حتى تقول:
(جريحان
وهذا الليل متربص
كخطيئة
مشرعة على السماء
وأكفّ
لا ترى مبررا
لمصافحة القمر).
وهكذا تمضي القصائد بمقاطعها القصار، الخالية من العناوين، تلحق بعضها، أو تلاحق بعضها، تنضمّ إلى بعضها. تستكمل بعضها دون أن تجد ضرورة لوضع عنوان لكل قصيدة ما دامت تنتظم كلها تحت عنوان واحد “ما لم يقل بيننا”، ولذا فإن كم البوح كبير.
تقول:
(لم يكن حبا
هذا الذي مارسناه
كان مصارعة يابانية
بين جسدين
مثخنين بالملام
لهاث
وعرق بارد
وركض.. ركض.. ركض
من غير وصول).
نشير هنا إلى أن الشاعرة ارتأت أن تجعل النصف الثاني من ديوانها هذا للترجمة الانجليزية له والتي أنجزها الأستاذ زويتني.
وهذا الديوان – القصيدة جاء نصه العربي في 72 صفحة من القطع المتوسط- منشورات المركز الثقافي العربي (المغرب_ لبنان) سنة النشر 2010.
مجلة الحياة الثقافية / تونس
العدد 218. ديسمبر 2010.