شاعرة تدعونا لرفقة المطر
الشاعرة المغربية فاتحة مرشيد طبيبة (أولا) و ربما تكون هكذا (ثانيا) حيث يسبق الشعر الطب فهو قرين أحلام الشعراء الأولى منذ فتحوا عيونهم للدنيا و تنفسوا هواء العالم.
و نقول استطرادا إن فاتحة مرشيد ليست الطبيبة الأولى التي عنت بالشعر ولن تكون الأخيرة فهي حلقة في سلسلة طويلة ممتدة ، و أمامنا في المشهد الأدبي العربي أسماء كثيرة و إن كان أعلبها ينتمي الى عالم السرد أكثر منه الى عالم الشعر .
في مصر نتذكر الرصاص يوسف ادريس الذي هجر الطب و أغلق عيادته ليتفرغ للكتابة احترافا ، و لن الجيل التالي علاء الأسواني طبيب الأسنان الذي يذهب كل يوم الى عيادته في قلب القاهرة ليرمم الأسنان و يقتلع ما فسد منها .
و قدعرف الأسواني بقوة بعد نجاح روايته <عمارة يعقوبيان> التي تحولت لفيلم سنيمائي معروف يجري عرضه في مهرجانات تونس و في أكثر من دار سينما هذه الأيام.
و للأسواني رفيق هنا يكتب السرد الجميل منذ الستينات هو محمود بلعيد طبيب الأسنان المعروف الذي لا يدري كثير من مرضاه أنه كاتب نير و قصاص متمكن.
وإذا أردت أن أضيف فهناك أمثلة كثيرة من كل البلدان العربية، كالمرحوم عبد السلام العجيلي الطبيب وأحد رموز الكتابة السردية في الوطن العربي و حتى الوزارات التي شغلها في بلده ليس بينها وزارة الصحة بل الخارجية و الثقافة عدا عضوية مجلس النواب مرارا.
و من بين أبرز كتابات القصة في سوريا نجد هيفاء بيطار التي حرزه ذات مرة على جائزة البنك المركزي التونسي ، و قبلها كانت انعام المسالمة التي عرفت كتاباتها في سوريا منذ الستينات و هي طبيبة أسنان كذلك .
إذن الشاعرة فاتحة مرشيد ليست نبتا وحيدا بل هي لنخرطة في سلالة طويلة.
و لكن ما يميز فاتحة مرشيد (و قد تعرف عليها أهل الشعر في تونس عندما نظم لها بيت الشعر أمسية في مبناه ، قرأت عصائدها و أجابت عن أسئلة و جهت لها حول الطب و الشعر و كان هذا قبل ثلاثة أعوام تقريبا و كانت تحضر مؤتمرا طبيا انتظم في مدينة الحمامات ).
أقول إن ما يميز فاتحة هو أنها طبيبة أطفال هذا هو اختصاصها و اللافتة التي تتصدر التي تتصدر عيادتها ف ي الدار البيضاء تقول هذا ، و أضيف أن لها كتابا في هذا المجال عنوانه (لاسعافات الأولية للطفل) و قد صدر عام 2005 في المغرب ، وهو كتب مهم في موضوعه إذ أن الأطفال قد يتعرضون لحوادث لم تخطر في البال أبدا .
و ما بين الطفولة و الشعر هناك علاقة متينة و قوية ربما أكثر متانة من الفروع الطب الأخرى.
و قبل أن ندخل عالم ديوانها الجديد <تعال نمطر> الصادر في القاهرة عن دار الشرقيات نذكر أنها أصدرت قبله ثلاثة أعمال شعرية هي <إيماء ات> ـ دار الثقافة ـ الدار البيضاء2002 ، <ورق عاشق> ـ دار الثقافة أيضا عام 2003 ـ .
كما صدر لها ديوان عنوانه <أي سواد تخفي يا قوس قزح> ـ منشورات مرسم ـ الرباط 2006.
و عندما تقدم الشاعرة على توسيع الرقعة الجغرافية لانتشار قصائدها فإن هذا متأن من يقينها بأن لهذه القصائد مكانة بين ما ينشر من شعر وأن المبدع الذي لا يستطيع الوصول عليه أن يذهب بنفسه .
و القاهرة لها سحرها في النشر و في الانتشار و كثرة الأسماء و حركية الحوار و الاختلاف رغم أن هذه المواصفات ليست غائبة عن الحركة الثقافية في بلادها .
و نعتقد أن صدور < تعال نمطر > من القاهرة و عن دار نشر عرفت بتقديم الأعمال الإبداعية الجادة المترجمة أو الموضوعة من شأنه أن يفتح للشاعرة نوافذ أخرى لتحاور قصائدها المنجز الشعري العربي في عاصمة من عواصم الثقافية فيه.
بعد هذا التقديم سنتصفح الديوان في مقالنا التالي .
مجلة الإذعة و التلفزة التونسية السبت14أكتوبر2006