0%
Still working...

تعدد الأقنعة والإنسان فينا واحد في ‘ليلة مع رباب’، لحسن أوزين، جريدة السؤال الآن، الجمعة 25 أبريل والجمعة 9 ماي 2025

تعدد الأقنعة والإنسان فينا واحد في ‘ليلة مع رباب’

رواية فاتحة مرشيد تشكل بوحا إنسانيا عميقا يغوص في جراحات الذات وصراعاتها النفسية والاجتماعية، كاشفة عن هشاشة الإنسان وتناقضاته في مواجهة القيم الزائفة والحرمان العاطفي.

بقلم لحسن أوزين 

تضعنا رواية “ليلة مع رباب” لفاتحة مرشيد، من أولى صفحاتها أمام جراحات السرد العاري. فهي بوح من الأعماق تفجر الكثير من الأسئلة التي تخص القيم والعلاقات الاجتماعية والإنسانية.  هي لا تريد أن تتهم أو تدين وتصدر الاحكام جزافا، بقسوة طاغية ظالمة، بل سعيها وأفقها الإنساني أن تتفهم الانسان في شموليته، في جدلياته وتناقضاته، في المسخ الذي طال أو جرد منه قيمته الإنسانية، واختزله في بعد نمطي واحد. لذلك تحاول الرواية أن تفهم عمق الجراحات الغائرة المكبوتة والدفينة في عمق الذات. باحثة في البنى التاريخية الشخصية، وفي الابعاد النرجسية المشكلة للذات تبعا للرؤى والتصورات والأفكار والقيم والدلالات والعلاقات. وفي دوائر التكون والتطور للسيرورات النفسية والاجتماعية والثقافية التي تؤسس الذات مجتمعيا وثقافيا وتاريخيا ونفسيا. هدفها تسليط الضوء على الكثير من العتمة والشر الذي نتستر عليه، باعتباره حصة الشيطان التي يجب التنكر لوجودها، كجزء عضوي جدلي لما يحددنا ويشكلنا عبر مسارات ومنعرجات تطور سيرورة العمر، الممعن في الهروب فينا ومنا الى حد الشعور في لحظة ما، من رحلة الحياة أننا تعرضنا في محطة، أو مرحلة، لنوع من اغتصاب العمر. الشيء الذي يفاجئنا بشيخوخة لم تكن في الحسبان. تهجم دفعة واحدة لتقضم بشراسة وألم ممزوج بسخرية لاذعة، ما تبقى من ساعات الاحتضار الرهيب. فيشعر المرء عندها، كما لو أنه مر ليلا في هذه الحياة يطارد سحابة بيضاء، تمثلت له حينا في صورة امرأة ساحرة الجمال. وفي حين آخر في الثروة والجاه والمكانة الاجتماعية، الناجمة عن عقدة المشهدية. وفي لحظة فجائية في سيرورة العمر تنزل الشيخوخة بكل ثقلها الرهيب، ليكتشف أنه كان يركض ليلا بعيدا عن أمل التمتع بجمالية ضوء النجوم.

 لهذا تستفزنا الرواية، توقظنا من غفلة الركض الجنوني وراء حمى التملك والامتلاك الجهنمي، الذي لا يمنحنا روعة جمال احتضان في النفس السكينة، وتقوى السؤال الإنساني العميق. ومن ثمة تنشر الرواية بشكل أو بآخر غسيلنا القذر الذي كنا نحجبه عن الأنظار. ونتبرأ منه، وننسبه للآخرين، متحصنين وراء قناع وهم الخير والفضيلة ومكارم الأخلاق الكاذبة. وغالبا ما نتلبس صورة الملاك التي تميزنا عن الاخرين.

هكذا في سياق سيرورة تفاعل القارئ مع أسئلة الرواية، تنفجر تلقائيا الكثير من الجراحات التي كنا نعتقد أنها خارجنا وليس داخلنا. فيكون لجمالية التلقي هذه دورا رفيعا في عملية إنتاج المعنى وتوليد الدلالات الكامنة، ليس فقط في شقوق النص وطياته، بل أيضا في العتمة التي نتواطأ ذاتيا على ترسيخها وتكريسها بطريقة مبدأ نكران الواقع. وحجب الذات عن نفسها، والحيلولة دون تعرفها زلاتها وسقوطها ونقاط ضعفها وقوتها. مساهمين من حيث لا ندري في إعادة إنتاج قذارة الشفرة النفسية الاجتماعية للاشعور الثقافي الاجتماعي الجمعي، المولدة للحقد والكراهية والالغاء والاقصاء ونبذ الاخر كأنا نفسي.

لهذا الأسباب وغيرها كثير بين صفحات الرواية، وجدت نفسي أمام صفحة الكتابة، ليس رغبة في اغتصابها أو فض بكارة عذريتها، كما يقول سيف الراوي وهو يعانق وجع الكتابة. بل بحثا عن نوع من التواصل اللاعنفي المنمي للذات والأخر.

تؤكد رواية “ليلة مع رباب ” لفاتحة مرشيد، قدرة الأدب، وبشكل خاص الشكل الروائي على تناول القضايا والظواهر التي تهتم بها العلوم الإنسانية والاجتماعية. فالمعضلات والمشكلات والأسئلة الحارقة الاجتماعية والسياسية والنفسية، والمعرفية الفكرية…، التي تتناولها العلوم السابقة بصورة تخصصية، من زاوية نظر محددة، تُغيب فيها الكثير من الوجوه والأبعاد والعوامل والتفاعلات والدلالات، يستطيع الإبداعي الروائي، المتمكن من صنعة أدواته الأدبية، وشغل آلياته الفنية، والرؤى الفكرية العميقة المتسعة المنظور، الإلمام والإحاطة بكل الأبعاد والوجوه المختلفة، بشكل تفاعلي يحقق جدل التكامل في وصف وفهم وتفسير القضايا والظواهر، وبحث الأسئلة الحارقة…

هكذا تمكنت رواية ليلة مع رباب من تناول تعقد الإنسان في أنماطه الحياتية، الوجودية التاريخية والاجتماعية. وتفكيك دينامياته النفسية الشديدة التركيب والتعقيد. فهي لم تكتف بالأبعاد السطحية الوصفية الذاتية، بل تخطت هذا المستوى الأحادي الضيق، الى محاولة تفسير، أدبيا أوجه القصور والضعف والقوة. ومختلف الأسباب التكوينية، في تاريخ شخصيات الرواية، في ارتباطها بالعوامل والتفاعلات الاجتماعية العلائقية، بين ما هو ذاتي متعلق بتاريخ بنية الشخصيات النشوئي والتطوري. وخارجي عبر الحفر العميق فيما هو اجتماعي تاريخي متعلق بالبنيات الثقافية والاجتماعية والقيمية. مع استحضار كبير للتصورات والمعتقدات والتمثلات، ومختلف التعبيرات الثقافية الشعبية التي تؤطر وتشكل منطق وآليات التفكير الذهني والنفسي المجتمعي. هذا يعني أن الرواية، من خلال أدواتها الفنية، وآليات الكتابة الأدبية التي تشتغل تبعا لمنطقها الداخلي في التمثيل والتشخيص، وإعادة التركيب لوحل الواقع الحي، تمارس النظر والتأمل العميق الى الانسان، باعتباره محصلة لكل هذه المعطيات الذاتية الداخلية والخارجية في تفاعلاتها وعلاقاتها وارتباطاتها المتبادلة التأثير والتأثر.

أولا قراءة للعنوان في سياق النص: ليلة مع رباب “سيرة سيف الراوي”

يبدو العنوان من جانب، ساحرا جذابا، محفوفا بشعرية خلاقة لوهم تذويق القارئ متعة التوحد الصوفي الناذر، الأقرب الى العشق الجنوني في امتطاء السحاب الأبيض، هروبا في خيالات هوامات العتمة، التي ولدتها ظروف الولادة الكارثية، والنشأة الاجتماعية الموشومة بقسوة الرفض والوصم البشع. إنه هروب من وحل الواقع الذي رسب في أعماق النفس الممنوع والمحرم والتابو، والالتباس والغموض والالتفافات، المتلبسة للكثير من الأقنعة.

ومن جانب آخر فالعنوان تنضح من مسامه لعنة الفحولة التي تختبئ في ممراتها النفسية العميقة، أشكال من الحرمان الجزئي أو الكلي، والنبذ العاطفي الاجتماعي، الذي يجد في هوامات الدافع الجنسي، “ليلة”، امتيازا ذكوريا، “سيف” كبديل نفسي للتعويض عن مشاعر النبذ والاقصاء والدونية، واستحالة حل عقدة الحب المستحيل، الدفينة في جوف التاريخ الشخصي المجروح في بنية هوية ذاكرته النرجسية.

ثانيا الأنماط الوجودية والديناميات الشخصية والنفسية

عبد الحفيظ: الوصم السيئ

نتعرف على المتن الروائي من خلال الراوي الذي عاش كشخصية محورية، تحولاته وتقلباته وصيروراته، التي جعلته يدرك التعدد والاختلاف الذي صاره، من مرحلة عمرية لأخرى. فقد صادفت ولادته، وخروجه الى الحياة، في لحظة صغيرة من الزمن، كارثة طبيعية لزلزال أدى الى وفاة أمه وجدته. الشيء الذي عجل بإسقاط الوضم السيئ على كيانه الإنساني. وأسطرة وجوده البشري باعتباره كائنا غريبا، موشوما بلعنة النحس والشر والبؤس والنبذ والاقصاء المشحون بمسافات التطير والكراهية. لهذا وجد نفسه ملفوظا من طرف الجميع، خارج الدائرة المجتمعية، وغير مرغوب فيه بشكل صريح. كما لو أنه شر يجب عزله، أو التخلص منه تجنبا للكوارث والمآسي اللصيقة بوجوده الحي. هكذا كانت تنشئته الاجتماعية الثقافية القيمية، موسومة بحالة من التصحر الإنساني. مما جعله يعاني ويلات الحرمان العاطفي الكلي في المرحلة الأساس ” الطفولة” من وجوده البشري، المحاط بالكثير من العنف الرمزي، الناتج عن لعنة الوصم السيئ الذي كان توأم وجوده. وبما أنه لم يكن يقبل من أقرانه احتقاره وقهره، فقد كان يرد على العنف الرمزي المشبع بالكلام الساقط المبخس لقيمته الإنسانية، بكل ما أوتي من قوة وعدوانية، تورطه في تكريس مصداقية الإلغاء والنبذ والرفض لوجوده العلائقي الاجتماعي والإنساني.

لذلك كانت العقلية المجتمعية الغارقة في التفكير الخرافي الغيبي والسحري، في وصمها السيئ للوجود الإنساني للطفل، تُضيق عليه حق وجوه الإنساني الاجتماعي. مما يضاعف من حرمانه العاطفي، وعزله الاجتماعي، كما لوكان وباء معديا ينبغي عزله والتخلص منه.

لقد ساهمت النظرة والمعاملة المجتمعية الخبيثة في الزج به في أقدار، كانت في صالحه للتحرر من عبء سطوة القهر الاجتماعي والمجتمعي. حيث وجد نفسه صاحب ذاكرة متميزة في حفظ القرآن. وتعلم المعتقدات الغيبية في العلاج الديني الأقرب الى ذكاء تدبير الحال، في استغباء الناس والتحايل على الجذور النفسية الاجتماعية الرهيبة، والدفينة التي تفجر آلام وعذابات الناس في صورة أنواع من المرض البدني والنفسي. كما صادف في مشواره الحياتي شخصيات ساعدته بشكل أو بآخر في تحقيق طموحاته وأحلامه الدراسية والمهنية. فقد كان لبعض العلاقات دورا حاسما في رسم أقداره التعليمية والمهنية من الكُتاب لتعلم القرآن وصولا الى تعلم مهنة المحاماة، مرورا بالدراسة في الوسط التلاميذي والطلابي. وفي هذا العبور كانت تتفجر ظلال الحرمان والنبذ، فتأخذ مظاهر وأقنعة مختلفة حسب السياق والظروف والالتباسات التي يتورط فيها بإرادة واختيار، أو بالصدفة العمياء التي جعلته مثلا يتعرف على رباب التي سحرته كليا الى حد الاستلاب العاطفي المستعذب للقهر والاستغلال العبودي. في نوع من التعلق العشقي المرضي برباب، دون أن يحظى بأبخس اعتراف بكونه شخص محبوب أو مرغوب فيه. وقد أدى به هذا الحب الأعمى الى التورط في الفساد المالي والاجتماعي، من خلال المشاركة كمستشار قانوني للشراكة العقارية التي كانت تقيمها رباب مع مافيا العقار الممارسة للنهب والثراء غير القانوني والأخلاقي، بأدوات وآليات النصب والاحتيال. الى أن وجد نفسه بين جدران السجن يجتر تاريخه المأساوي في الحلم الهارب وراء حب الظهور استجابة لعقدة الوجاهة والمشهدية التي تفجرها المشاعر الدفينة للحرمان الكلي العاطفي والاجتماعي من قبل العائلة وجماعة الانتماء المجتمعية التي لفظته منذ الولادة خارج دائرة الانتماء والهوية الاجتماعية. كما ساهم تعلقه العشقي الأحادي في تكريس مشاعر الإحباط والحرمان المتجذر في أعماق الذات. كما لو كان يستلذ بصورة لا واعية عقباه الذاتي، لكونه شخصا غير مرغوب فيه، وغير محبوب.

وإذا كانت بعض العلاقات الاجتماعية دمرته وحفرت في جوف نفسيته أخاديد الحرمان، والحقد والاقصاء، فإن لشخصيات أخرى أدوارا إيجابية في حياته مثل المعلم حمزة الذي لعب دورا كبيرا في رسم مساره الدراسي. كما أن لقاءه بهشومة ومنار وآخرين ساعده على رؤية الوجوه المختلفة للحياة. وفي التعرف على التناقضات المجتمعية، التي تأخذ غالبا صورة أقنعة مظهرية يتمترس خلفها الناس إخفاء للجزء العضوي الشيطاني في الانسان. وفي عدم الاعتراف بجدلية الخير والشر التي تشكلنا في تفاوت في الشدة والنسبة والحجم والاقتراف والتجنب…

يخبرنا الراوي عن تجربة السجن التي أسهمت في تأسيس أرضية المراجعة النقدية لتاريخه الشخصي. حيث انفتح الجرح الحافر في أعماق الذات واندلعت منه نيران البوح، من خلال الكتابة، كوسيلة فعالة للولادة من جديد، وتصفية الحساب مع الماضي الذي يستحيل البحث فيه عن موجهات إرشادية لتجربة الشيخوخة واحتياجاتها الضرورية ومتطلباتها الأساسية.

تأتي الكتابة لترمم الذات وتحقق نوعا من التعافي، والمصالحة الذاتية. وتعرية الظلال والمناطق المعتمة التي يتستر عليها الانسان. وتمنعه من رؤية الجدليات الرهيبة التي تشكل الانسان، بين الخير والشر، الملاك والشيطان، الإيجابي والسلبي، السقوط والنهوض…

هكذا يضع الراوي الكتابة على الجرح لرؤية الذات بوضوح أكبر لا يقبل المخاتلة والخداع.

لأن الهدف هو تكوين الصورة الواضحة الشاملة لكل الجوانب والوجوه، في النظر الى الحياة والانسان. والابتعاد قدر الإمكان عن عملية الاختزال للفرد في سلبياته، أو ايجابياته. لأن جدلا ما رهيب في طبيعته القائمة على مبدأ التناقض الاجتماعي المؤسس للوجود البشري الإنساني، يتحكم بشكل قهري في جدلية الخير والشر، الملاك والشيطان، الموت والحياة…، لذلك عليك أن نفهم ونتفهم الناس قبل اتهامهم وإدانتهم. هذا يعني أن نفترض البراءة في الانسان. بعيدا عن الوصم السيئ والحقد والكراهية والتواصل العنفي…

هكذا مارس سيف الرواي التعافي بالكتابة والولادة من جديد، فصارت شخصيته قوية مضيافة متسعة للآخر. ومحتضنا عذابات المهمشين والمظلومين في السجن وخارجه. مسلطا الضوء على الجوانب المظلمة في الفرد، وعلى الكثير من العذابات والآلام التي مسخت الناس وشوهت وجودهم البشري وجردتهم من قيمتهم الإنسانية.

2- صراع رباب مع حواجز النظام الأبوي الفاسد

” لا تقاس قوة المرأة بما يمكنها القيام به فقط، لكن بما لم يكن يتوقع أحد أن بمقدورها القيام به.. إنها في القفز على الحواجز التي صنفها المجتمع من اختصاص الرجل”64

لم تحظ رباب بالاعتراف الوجودي كإنسان، فقد تحدد مصيرها قبل ولادتها، باعتبارها “كائنا” أنثى، غير مرغوب فيها. لذلك لم يرحب بها داخل الأسرة الأبوية بنزعتها الذكورية، تبعا لأنظمتها الاجتماعية والثقافية والرمزية، التي تعلي من شأن قيمة الذكر. وما تنتجه من علاقات اجتماعية ورؤى للعالم تُغيب فيها المرأة، وتجرد من حصانتها وقيمتها الإنسانية. ” ولدت في أسرة فقيرة بعد خمس بنات مخيبة أمل والدتي في مولود ذكر يحمل اسم العائلة”80

هكذا تخلت الأسرة عن صغيرتها فعاشت أول تجربة خذلان رهيب ترك في جوفها جراح مؤلمة على أنها مجرد شيء لا يمت بصلة للحب الإنساني، والدفء الأمومي، وحرارة البيت الأسري. وزادت الدلالات المرعبة لاسمها الأول” جودية” من قسوة الحرمان والفقدان والتخلي الذي حفر في القلب والنفس والذاكرة وشوما حارقة. لقد كانت عبارة عن “هدية جبر الخاطر” لخالتها التي حرمت من الأبناء. وهذا ما جعلها تحقد على الجميع، وهي تضمر في أعماقها النفسية شعورا بالدونية والنبذ والحرمان العاطفي الكلي. ” حتى والدتي الحقيقية لم تكن تسمح لنفسها باحتضاني أو تقبيلي.. أما والدي فلم أشعر منه بعطف… لسبب غامض كنت مستاءة من الجميع وأشعر أنهم ضحوا بي باعوني. كنت أغار من حنان أمي الحقيقية على بناتها.”80و81

وفي بحثها عن دلالات وعلاقات اجتماعية تمنح لوجودها معنى، عاشت تجربة الحب مع زميل لها في الدراسة. لكن التفاوت الاجتماعي الطبقي حرمها من هذا الارتباط الإنساني الأصيل. حيث رفضت أسرة الشاب زواج ابنهم بفتاة من الطبقة الحقيرة والوضيعة، خاصة من بنت السيكليس. وهذا اللقب يتجاوز التوصيف القدحي، إلى هدر حرمة وقيمة الإنسان. لذلك تضافرت في صناعة وجودها الاجتماعي، مختلف أنواع التمييز والكراهية الجندرية والطبقية والعاطفية والمجتمعية. والفظيع في تاريخها الشخصي وهويتها النرجسية، هو التحكم في وجودها وجسدها وحريتها. حيث فرض عليها بقسوة مروعة الإجهاض، لأنها كانت حامل من حبيبها الشاب الذي ينتمي لعائلة ثرية لا ترى فيها أحقية النسب والنسل والارتباط والانتماء. فهي في نظرهم مجرد حثالة وقذارة لا تمتلك شرف المال الذي يمنح القيمة والوجاهة الاجتماعية. فبيعت للمرة الثانية من خلال المال الكثير الذي قدم لأمها بالولادة ولخالتها. فتتالت عليها ضربات التخلي والخذلان والفقدان لقيمتها الإنسانية، ولأي معنى وجودي لحياتها.

وفي سياق هذه التجارب المؤلمة، والجروح والمخاوف النفسية الرهيبة، استطاعت بعد شهور أن تخرج من المحنة مكسورة مجروحة حزينة، لكن رغبة شديدة في التحدي والتحكم في زمام المصير كانت تتخلق في دواخلها الحية. لذلك استغلت التعلق الجنوني للحاج صالح الرجل السبعيني الثري، بجمالها الجسدي الفاتن الساحر. ورغم قسوة القدر في هذا النصيب، فإنها لم تكن تملك خيار الرفض.

” في البداية تدمرت إذ شعرت أنني أباع مرة أخرى.. ولم يكن لدي ترف الاختيار.. كان الحاج صالح رجلا طيبا أحبني بصدق .. عوضني عن كل الحب الذي كنت أفتقد إليه من لدن أسرتي، دللني وأمن لي مستقبلي.. رحمه الله.. تغييره اسمي من جودية إلى رباب أعاد لي الثقة في نفسي وجعلني أشعر بأنني ولدت من جديد.”82 

لكن الحياة لم تفتح لها ذراعيها، إذ سرعان ما وجدت نفسها في المحاكم متابعة بتهمة قتل زوجها، الي فاجأته سكتة قلبية لحظة الالتحام العاطفي والجنسي . وأمام هذه المحنة الجديدة، انفض الجميع من حولها، بما في ذلك أسرتها التي تبرأت منها. هكذا عاشت معزولة وحيدة، تتجرع مرارة المسار نفسه الذي عاشه عبد الحفيظ أو سيف الراوي.  الذي كشف عن الوجه الاخر للجمال الساحر لرباب، وكيف مسختها من الداخل محطات الحياة المرعبة التي عاشتها بألم فظيع جعلها تبدو للراوي قبيحة القلب وحذرة المشاعر والنوايا المفعمة بالتوجس والشك، ومهشمة الأعماق. الشيء الذي جعلها مثل عبد الحفيظ العاشق الولهان الغارق في هوامات العشق الجنوني، الممسوس بالتخيلات والهذيان النفسي والعاطفي والجنسي. هكذا عاشا معا التمزاقات نفسها والانشطار الذاتي عينه. حالات من التجاذب الوجداني عاشها الطرفان بين الحياة والموت، و المقدس والمدنس، و الخير والشر، الفضيلة والرذيلة، الوجه والقناع، الخبث والمكر والقذارة ومكارم الأخلاق والشرف الرفيع…

” لمست جرحها في عمقه المظلم وجهودها اليومية للتغلب على حزنها، واكتشفت الى أي حد تشبهني، والى أي حد هي وحيدة مثلي.

أحببتها أكثر حين أقنعت نفسي أن موهبتها في إلحاق الأذى بالآخرين ليست إلا صدى للأذى الذي لحق  بها من أقرب الناس إليها.”83

ومع سيرورة القراءة تتضح استراتيجية الكتابة الروائية في استثمارها لتقنيات الرواية، لوصف وتفسير الالتباسات والتناقضات التي تطبع وتميز السلوكيات البشرية. حيث يصعب جدا الاحتكام الى المعايير الجاهزة في الحكم والتقييم للمضامين السلوكية والأخلاقية والمعاملات البشرية، التي غالبا ما تتستر فيها على الكثير من المناطق المظلمة والمجهولة بوعي أو لا وعي. لأن التاريخ الشخصي والتشكل الذاتي للأفراد تتدخل فيه عوامل وظروف ومصادفات منطقية معقولة ومقبولة، وأخرى مفاجئة سيئة جدا، ومحبطة للتوقعات والتطلعات والطموحات. وتزداد الحياة رعبا كلما تسلطت قدرية عنيفة وعنيدة الى درجة تتجاوز طاقة الفرد في الاستيعاب و التخطي والتغيير. وهذا ما يجعل الحياة تغيرنا في الوقت الذي كنا نعتقد بقدرتنا على تغييرها، وفق ما تحلم به أفكارنا الجميلة، و رغباتنا الجامحة، وقناعاتنا بقدرة وعينا الفكري على صناعة واقع جميل. لذلك يكتشف الانسان بعد دفع الثمن من سنوات العمر المغتصب في مطاردة خيط دخان، أو سحابة بيضاء تسبح في المجهول، راكضين وراءها، كأننا في حالة طوارئ قصوى. يكتشف أنه لا مفر للإنسان من جدليات النهوض والسقوط، الخير والشر، الحب والكراهية…

هكذا كانت المسارات المؤلمة لأغلب شخصيات الرواية. حيث يشهد سيف الراوي على نفسه، وعلى المجتمع، وعلى الشخصيات التي تقاطعت طرقه معها، بشكل أو بآخر. وبناء على تجربة الحياة التي يسردها الراوي، و انطلاقا أيضا من الذاكرة الموشومة بالحديد والنار، والجري المحموم اللاهث وراء حب مفقود مكبوت في طيات القلب والعقل والذاكرة.  ينهض الفقدان الذي تفجره حرائق الحرمان العاطفي والإنساني، والبحث النفسي المشروع عن معنى للوجود الذاتي بين الناس.   يستنتج الراوي بأن لا مكان للرؤية الأحادية، ولا صواب في اختزال الإنسان في خيره أو شره. لأن هذا التشظي والتمزق والانشطار، والانفعال الوجداني يعاش بشكل متفاوت في الحدة والشدة والمدة والعمق، من فرد لآخر حسب تاريخيه الشخصي والعوامل الموضوعية والذاتية التي منحته وجهة وتوجها ورؤية دون أخرى في النظر والتفكير والفعل، والحضور والغياب…..

” الإنسان خليط من ملائكة وشياطين. التطرق إليهما يضع القراء أمام تناقضاتهم، ويساعد على سبر أغوار الروح شرية.”195

هذا ما نتعرف عليه في التاريخ البيوغرافي للشخصيات، خاصة حين يحاول الراوي تعرية الجزء الصامت المقموع من الذات. ويعري تلك المناطق المعتمة التي غالبا ما لا يدركها الآخرون. وهي الشفرة النفسية الثقافية الاجتماعية التي تتمنع عن الظهور. الشيء الذي يعقد عملية تفسير الكثير من الأفعال والسلوكيات والمواقف والأفكار  والعلاقات التي تبرز على السطح في الواقع الحي.

هكذا يحاول الراوي تجميع  كثير من المسوغات التي تبرر الشر والأذى والقبح…، الذي تمارسه  أغلب شخصيات الرواية. التي تعرضت للنبذ والاقصاء والقهر والاحتقار، في محطات مختلفة من حياتها.

وهذا ما جعل رباب تمضي بقوة رد الاعتبار وتحقيق الذات، والانتقام، الذي طالها من التصورات والمعتقدات والقيم الاجتماعية الثقافية التي رسخها النظام الأبوي بقهر وعنف الى درجة عدم القبول والتقبل والاعتراف بالمرأة إنسانة حرة مستقلة وفاعلة. وقادرة على الفعل المنتج والإبداع الخلاق، والعطاء المنمي للذات والآخر. لكن الترسبات النفسية للأذى الذي عاشته بقسوة وحرقة، حال بينها وبين التمييز بين الفرص والمخاطر. خاصة أن المحن والآلام والأدي الذي تجرعته منذ ولادتها لم ينعكس بشكل إيجابي على هويتها الذاتية. هذا يعني أنها لم تستوعب الشر والمحن التي عاشتها، حتى يمكنها الولادة من جديد. لذلك كرست الأذى وانساقت مع النهر الجارف الذي لا يتورع ولا يخجل في سحقه للآخرين كلما تعلق ذلك بطموحاتهم الأنانية، ومصالحهم الضيقة. وهذا ما جعلها تتورط في دائرة الفساد والإفساد، من خلال شراكتها مع مافيا الفساد في مشاريع عقارية وهمية أساسها وهدفها النصب والاحتيال، سعيا وراء الثراء غير المشروع. فكانت نهايتها مأساوية حيث التهمتها النيران التي أشعلها جشعها النابع من سطوة الشر والأذى والمحن التي عاشتها الى حد أنها تلبستها كبوصلة ورؤية توجيهية لها في الحياة.

3- أمي هشومة : ” كبرياء نخلة لا تعرف الخضوع”26

” أمي هشومة، كانت تصارع الحياة بما أوتيت من ألم وغضب، وكنا نقدر شجاعتها، فليس من السهل على امرأة مطلقة أن تعيش في مجتمعنا لوحدها ودون ذرية ولا أهل.. كنا نزلاءها وأهلها والذرية التي رزقتها دون أن تحبل بها.”147

تحضر هذه المرأة في الرواية بشكل إيجابي، كوعي نقيض للقيم الذكورية الأبوية، التي تفرض الخنوع والسمع والطاعة. فقد رفضت بكل حرية وكبرياء أن تكون مجرد شيء جنسي يستجيب لرغبات الرجل. انتفضت ضد هذه التمثلات والرؤية الذكورية للعلاقات الزوجية. لذلك طلبت الطلاق من زوجها عندما تخلى عنها عاطفيا وأخلاقيا وكرامة، مفضلا الارتباط بشيخة، أو بتعبير أدق قحبة. وقد ساعدتها شخصيتها رغم كونها أمية على امتلاك ثقافة شعبية عميقة. تجلى ذلك في قدرتها الإبداعية على توظيف  الأمثال الشعبية المحملة بمضامين ثقافية وفكرية نقدية. مما جعلها قادرة على تملك الواقع الاجتماعي معرفيا. فهي – أمي هشومة- بمثابة خزان معرفي ثقافي شعبي، تجمع بين الوعي والتجارب، والتمييز النقدي للمواقف والوضعيات الحياتية، والتقدير الموضوعي لتناقضات الحياة الاجتماعية، أثناء التفكير والتصرف. فكانت أما وحضنا دافئا وسندا داعما للآخرين، خاصة عبد الحفيظ وأصدقائه. وقد صقلتها تجارب الحياة ومختلف المهن التي مارستها. وكثافة العلاقات المجتمعية التي انخرطت فيها، مع مختلف الطبقات الاجتماعية. فكانت حاملة للأسرار والحكايات الحية التي تتوالد وتنتشر في الخفاء والأماكن الخاصة الحميمية والتمييزية الخاصة بالنساء.

 ” رغم أنها كانت تعاني، مثل جل نساء جيلها من الأمية، فقد كانت تمتلك ثقافة شعبية واسعة، اكتسبتها من تجربتها في الحياة واحتكاكها بجميع طبقات المجتمع، من القاع الى القمة. كان لسانها موهبتها الكبرى، ينطق بكلام مرصع ومعزز بالأمثال الشعبية المغربية.”27

يعترف الراوي بالدور الكبير الذي قامت به أمه هشومة في تكوينه الشخصي، من خلال العطف والحنان. والتشبع بالعمق الثقافي الشعبي الحي النابض بما يعتمل في الواقع من أفكار ومعاني ودلالات وعلاقات ورؤى…

كما أنها كانت وراء فتح عيونه وعقله على طبيعة التصورات والمعتقدات السائدة في المجتمع من الشعوذة الى السحر، والاعتقاد الغيبي الخرافي. والهشاشة النفسية الناتجة عن الانكسارات والخيبات  والاحباطات، وحالات رهيبة من الخذلان والتخلي والفقدان…

مع الإشارة الى أنها كانت وراء العشق المرضي الجنوني الذي تلبس عبد الحفيظ في علاقته برباب. مما ساعده وورطه في عملية الركض العنيف وراء سحابة بيضاء، ممسوسا بثقة واهمة هذيانية غالبا، في حلمه بالنجاح ذات يوم في امتلاكها وتملكها. فكان طريقه مفروشا بصور ليلة الفلق الباريسية التي أتت على الأخضر واليابس في محرقة توقف فيها الركض العنيف ليفسح المجال للصوت الداخلي العميق للمراجعة والنقد الذاتي، والولادة من جديد لعبد الحفيظ، بوصفه راويا ماهرا من نوع آخر. ليس داخل ردهات المحاكم، بل داخل ما يتستر عليه الانسان بوعي أو بلا وعي. هذا يعني داخل النفس المفعمة بالمدفون والمقموع والموشوم والحارق، والمدنس والقبيح والشيطاني.

” لست مع تعقيم الأدب، لأنه لن يجعلنا أكثر إنسانية وطهارة. بل على عكس ذلك، الأدب غير المجامل قد يجعلنا نلمس الجانب الإنساني في أعماقنا المعتمة، أو يوقظ إنسانيتنا أمام بشاعة وجهنا الآخر.”195

4 – منار : “لا أحد مذنب في شيء عندما يتعلق الأمر بالعلاقات العاطفية”132

” انفصلنا لأنني كنت أطلب منه أن يملأ كل الفراغات بداخلي .. أن يكون الأب الذي لم أعرفه، والأخ الذي لا وجود له، والأخت التي لم أنلها من الدنيا .. أن يعوضني عن كل الفقدان وكل الغياب، وعن المجهول الذي لا ينفك يقضمني في سؤال : هل والدي حي يرزق أم أنه فارق هذه الحياة دون أم يودعني؟ انفصلنا لأنني كنت أطلب منه ما لن يستطيع أحد أن يعطيني إياه : السكينة والإحساس بالرضى.”139

هكذا تكرر منار المأساة المرعبة التي حملتها معها منذ طفولتها. إنه الغياب المجهول والمحير والحافر في النفس أخاديد الأسئلة المؤلمة التي لم تستطع أمها فطومة ولا هي كطفلة وشابة الإجابة عليها. فقد تعرضت لاعتداء محير هو ألم الفقدان، لأب ترك وراءه غيابا فظيعا غامضا. وشهدت بنفسها تضحيات ومعاناة أمها إزاء هذا الرحيل أو الهجر المفاجئ والملتبس. فعاشت الأم وابنتها منار تداعيات وآلام هذا الهجر النفسي، أو الانفصال السيكولوجي. الشيء حفر عميقا في نفسية منار نوعا من عقدة الذنب المولدة للتكرار القهري المسمى عصاب الفشل، كما تناوله الدكتور  مصطفى حجازي:

“أطلق التحليل النفسي على بعض هذه الحالات إضافة الى عصاب الفشل، تسمية عصاب المصير أو القدر  Nevrose de destinee، وهو حالة عصابية تدل على شكل من الوجود المتصف بالعودة الدورية لتسلسل متطابق من الأحداث البائسة عموما، ويبدو الشخص خاضعا لهذا التسلسل كخضوعه لقدر خارجي محتوم، بينما يجدر بنا… أن نبحث عن مصادره في اللاوعي، وخصوصا في اضطرار التكرار للمأساة، أو للشقاء. نحن بصدد أشخاص يعطون الانطباع بأن هناك قدرا يلاحقهم، أو أن هناك توجها شيطانيا يسيطر على وجودهم.”

تحفر الرواية في هذا التاريخ الشخصي المكبوت، وتحاول تفكيك ما تخفيه الطبقات النفسية من آلام واعتداءات وأذى وشقاء معنوي ودلالي محرق ومتحكم بشراسة في النماء النفسي والوجداني والعقلي والاجتماعي والعاطفي…

هذا ما عاشته منار بسعادة وفرح -الى حد ما- في بداية تجربتها العاطفية كزواج أثمر بنتا. لكن سرعان ما استيقظ الرعب النفسي المعتقل في جوف الذات، ليمارس نوعا من القهر والاضطهاد والتحكم في صناعة مصيرها، كما لو أنها تعيش قدرا محتوما. ومع عنف التجربة في عبئها وآلامها اختارت الانفصال عن زوجها حتى يمكنها كسب معركة الذات ضد الذات. والتصالح مع نفسها والخروج سالمة من عقدة المأساة القابعة في أعماقها منذ الطفولة.

” بدأ هو يحس بالاختناق، ويحاول أن يطمئنني ما استطاع لكن قلقي كان يزداد ليلوث فضاءنا.. ولأن الخوف من التخلي يؤدي حتما الى التخلي، فقد انتهى بي الأمر الى طلب الطلاق بعد أن أصبحت حياتنا جحيما.”141

 هذه التجربة جعلتها واعية بحقيقة العلاقات العاطفية وما يكتنفها من مآزم ومآزق وهدر ذاتي يعطل آليات النماء المعنوي والنفسي والاجتماعي، ويعيق تحقق حياة الفرد كمشروع وجودي مستقل. لذلك خرجت منار من محنتها بأقل الخسائر، مع الحفاظ على قيمتها الإنسانية. في قدرتها على وضع حد لمسألة عصاب الفشل الذي يمكن أن يتورث بشكل أو بآخر لابنتها مها. لأنها لم تمارس قطيعة اجتماعية  في حق زوجها. كما اكتسبت تفكيرا نقديا جعلها تسلك طريقها بصورة مستقلة دون أن تخسر صداقتها مع زوجها السابق. بوصفه أبا لابنتها، وباعتباره إنسانا له شروخه ونواقصه، ومتطلباته النفسية التي لا تخلو من تعقد معتم في تاريخه الشخصي. لهذا اعتنت بزوجها كصديق وهو يعيش فظاعات مرضه المؤلم.

” أجل، تحول حبي المفعم بالخوف الى إدمان عاطفي  قتل الحب. هذا ما قاله الطبيب النفساني الذي التجأت إليه بعد الطلاق ليساعدني على ترميم حطام ذاتي. منذ ذاك الحين وأنا أشتغل على نفسي، وقد اقتنعت ألا أحد غيري باستطاعته أن يمنحني السكينة.”141

وتجربة منار ورؤيتها للحياة والعلاقات الاجتماعية أثرت على صديقها عبد الحفيظ، الى درجة رأى فيها صورة الملاك الذي يناقض كليا صورة الشيطان التي أسقطها على رباب. وبذلك لم يستطع أن يدرك ما استخلصته منار من تجربتها العاطفية الزوجية، بعيدا عن هذه الأحكام المعيارية، التي تتسرع في الحكم بالإدانة والاتهام بالذنب الفظيع للآخر. لهذا تميزت منار لما وجدت في محنتها ما يمنحها حلا ومخرجا، دون أن تدين أو تتهم زوجها بالتخلي والخذلان. فاكتسبت جدارة وقيمة إنسانية، انعكست خيرا على نفسها وعلى الآخرين.

الجزء الأول والثاني، الجمعة 2025/04/25  والجمعة 9 ماي 20325،

جريدة: السؤال الآن

Related Posts